مجموعة Dior للخياطة الراقية لخريف 2020: رحلة إلى العالم الخيالي

قالت “ماريا غراتسيا كيوري” بمناسبة كشف النقاب عن مجموعتها للتصاميم الراقية لموسم خريف شتاء 2020-2021، “لطالما سحرني مفهوم الأفلام، كعمل فنّي ووسيلة فنّية؛ لطالما فكرت في إجراء التجارب لإعادة تصوير جو التصاميم الراقية الفريد. السينما فنّ إبداعيّ وحِرفيّ، عمل تأليفيّ وجوقة إنشاد جماعية. الأمر مشابه للمهارة الحرفية في عالم الأزياء”.

مجموعة تستحضر عدّة مصادر إلهام وتستكشف مسارات جديدة. قصة محبوكة من عدّة حكايات ومصادر الشغف والفضول التي عزّزت جوهر المديرة الفنية لمجموعات النساء لدى “ديور” Dior خلال هذه الفترة التي توقّف فيها الزمن، والتي بالكاد انتهت، هذا إن كانت قد انتهت فعلاً.

يُعتبر “ماتيو غاروني” فنان القصص والصور المبتكرة وهو أحد أشهر وأبرز المخرجين في إيطاليا وتضمّ أفلامه “إيل راكونتو دي راكونتي” Il Racconto dei racconti (“تايل أوف تايلز” Tale of Tales، ‏2015)، “دوغمان” Dogman ‏ (2018)، و”بينوكيو”  Pinocchio ‏(2019)، على سبيل المثال لا الحصر. في هذا الموسم، دعته “ماريا غراتسيا كيوري” ليساعدها في تنفيذ مجموعة ذات تعقيدات خيالية.

وافق المخرج بشجاعة، من دون أيّ أفكار مسبقة، معتبراً نفسه “رساماً تشخيصياً” قبل أيّ شيء آخر: وقال في هذا للصدد، “هذا هو سبب هوسي بالجسد، أفلامي مشبعة بالشهوانية والإثارة والرغبة والإضاءة”.

سرد هذا الفيلم، الذي تمّ إنتاجه خصيصاً لـ “ديور” Dior، يجسّد بأسلوب بصريّ الرحلة بين العوالم الخيالية التي تنعكس من خلال المجموعة. تستكشف عدسة المخرج المشغل، ذاك المكان الساحر، ذاك الموقع المدهش حيث تنهمك مجموعة المواهب في وضع اللمسات النهائية على ابتكارات التصاميم الراقية المتميّزة التي سترتديها تماثيل العرض المصغّرة. وقد تمّ تنسيق هذه الأزياء ضمن صندوق كبير يرمز إلى عنوان “ديور” Dior الأيقونيّ: 30 جادة “مونتان” Avenue Montaigne. الصندوق بحدّ ذاته هو غرض سحريّ، قطب حقل مغناطيسيّ تنبثق منه قوى أحاديّة.

نراه يظهر محمولاً بين يدي توأم يرتديان زياً مميزاً في بستان من عالم الخيال. يتقدّمان ويقدّمان حمولتهما الثمينة للكائنات التي تعيش هناك.

المشاهد التي ابتكرها المخرج، الاستعارات التي تجسّد الذاكرة الجماعية، تُعيد إلى الأذهان كتاب التحوّلات للشاعر أوفيد.

تضمّ القصة حوريات، حورية بحر، “نرجس”، تمثال وحتى كائن الساتير. الأساطير، التي تشكّل مصدر الثقافة الغربية والخرافات، تجتمع مع الجوهر السورياليّ الذي يفكّك ما تراه العين وما يتخيّله العقل.

بعد التجوّل في الغابة السحرية، كلّما فتح التوأم الصندوق تنتابهما المفاجأة والعجب والرغبة. تترك الحوريات ألعابها، تظهر حورية البحر، تدبّ الحياة في التمثال. بعد اختيار الزيّ تأتي شعائر أخذ مقاسات الكائنات التي تخضع للتحوّلات في هذا المكان الشبيه بالأحلام.

يتابع الصبيان هذه الشعائر بانتباه تامّ.

يستمرّ العمل في المشغل عبر قصّ الأقمشة الثمينة وخياطة الثياب التي سترتديها الكائنات الأسطورية برشاقة ومهارة حرفيّة، فرحةً بهذا الجمال الأخاذ؛ في هذا التحوّل الذي يمكنه أن يجعل الحياة تدبّ في القطع الجديدة المصنوعة من دون أيّ شوائب.

لا يضمّ الفيلم أيّ تأثيرات خاصة، فقط فن الماكياج المعقّد. يستحضر جو الفيلم مناطق أسطورية رائعة. الموسيقى من تأليف المؤلّف والمايسترو “باولو بونفينو” ترافق هذا الحلم بتناغم كامل مع الطاقة التي ابتكرتها. يقع الطابع الموسيقيّ عند تقاطع مقطوعات “إيريك ساتيه”، تكريماً لباريس، الشعار الأزليّ للتصاميم الراقية، وإيقاعات جنوب إيطاليا، التي تعكس جذور “ماريا غراتسيا كيوري” و”باولو بونفينو”؛ مكان رمزيّ يجسّد الأساطير وقصص “حكاية الحكايات” Pentamerone (التي استمدّ منها “ماتيو غاروني” الإلهام لـ “تايل أوف تايلز” Tale of Tales)، وقد تمّت إعادة تجسيدها هنا من خلال الموسيقى الإلكترونية.

يشكّل هذا الفيلم عملاً مستقلاً وهو لا يسرد قصة بل يستحضر مصادر الإلهام التي تركت بصمتها في مجموعة التصاميم الراقية هذه: رؤيتها السوريالية تحرّك المشاعر، وتؤدّي إلى تدافع الأجساد، وتنبض بالسحر، وغالباً ما تولّد شبه ابتسامة.

h

شارك